گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
فلسفه اسلامی
جلد اول
فصل ( 13 ) فی [ ذكر الحجج و ] دفع شكوك اوردت علی قاعدش كون كل


متحرك له محرك [ غيره ]


ان الموروث من الحكماء فی اثبات هذا المرام حجج متكثرش :
الاولی : لوكان الشی‏ء متحركا لذاته امتنع سكونه ، لان ما بالذات يبقی‏
بيقاء الذات ، و فساد الثانی يستلزم فساد المقدم .
الثانية : لو تحرك لذاته كان اجزاء الحركة مجتمعة ثابتة ، لان معلوم (
1 ) الثابت ثابت [ و معلول المتغير متغير ] ، ولو كان ثابتا لم يكن‏
حركة .
الثالثة : لوكان متحركا لذاته فلا يخلو اما أن يكون له مكان أو حالة
ملائمة أو [ لا ] يكون ، فعلی الشق الاول لم يكن طالبا لذلك المكان أو
مايجری مجراه فلا يكون متحركا ، ولا أيضا حركته الی جانب أولی من حركته‏
الی جانب آخر ( 2 ) ، فاما أن يتحرك الی كل الجوانب و ذلك محال ، أولا
يتحرك أصلا . هذا خلف ، و ان كان له ما يلائمه فاذا وصل اليه سكن فلا يكون‏
متحركا لذاته .
الرابعة : لوتحرك الجسم لانه جسم لكان كل جسم كذلك لاشتراك الكل‏
فی الجسمية ، وهو كذب ، أو لانه جسم مخصوص ( 2 ) فالمحرك هو تلك‏
الخصوصية .
الخامسة : مامر ذكره فی الفصل المقدم من اختلاف جهتی القوش والفعل ،
فالمحرك اذا حرك لم يخل اما بأن يحرك لا أن يتحرك ( 3 ) ، أو بأن‏
يتحرك . فعلی الاول يكون هو غير المتحرك ، وعلی الثانی فمعنی انه يتحرك‏
انه وجدت فيه الحركة التی هی بالقوش ، فيكون الحركة فيه بالقوش و بالفعل‏
معا ، هذا محال .
السادسة : ان نسبة المتحرك القابل الی الحركة بالامكان ، و نسبته من‏
حيث هو فاعل بالوجوب ، والوجوب والامكان متنافيان ، فالمحرك غير
المتحرك .

[ اعتراض صاحب " المباحث المشرقية " ورده ]


قال صاحب كتاب " المباحث المشرقية " معترضا علی الثلاث الاول : "
أليست الطبيعة متحركة لذاتها مع أنها لاتحرك ( 4 ) أبدا ( 5 ) ، ولايبقی‏
الاجزاء المفروضة فی الحركة ( 6 ) وهی طالبة لمكان معين ( 7 ) ؟ فلم لايجوز
أن يكون الجسم محركا لذاته ؟ ولم يلزم شی‏ء مما قلتموه . فلئن قلتم : ان‏
الطبيعة انما تقتضی الحركة بشرط حالة منافية أو زوال حالة ملائمة فيتجدد
أجزاءالحركة لاجل تجددالقرب والبعد ( 8 ) من تلك الحالة الملائمة ،
والسكون انما يحصل عندالوصول الی الملائم ، والعلة
ان كانت فی ايجابها معلولها متوقفة علی شرط ، لم يستمر ذلك الايجاب‏
لفوات ذلك الشرط . فنقول : اذا جوزتم ذلك فلم لاتجوزون أن يكون اقتضاء
التحريك بشرط حصول حالة منافرش حتی يتجدد أجزاء الحركة بسبب القرب‏
والبعد من تلك الحالة المنافرش و ينقطع الحركة عند زوالها ، و حينئذ
لايمكن أن يدفع ذلك الا بأن يقال : لوكانت الجسمية لذاتها تطلب حالة
مخصوصة كان كل جسم كذا ( 9 ) . و هذا هو الحجة الرابعة . فاذن يحتاج فی‏
تقرير تلك الطرق الثلاثة الی الاستعانة بالطريقة الرابعة ، فلنتكلم عليها
.
فنقول : ان كل جسم فله مقدار وله صورش وله هيولی . أما مقداره فهو
الابعاد الثلاثة ، ولاشك انها طبيعة ( 10 ) مشتركة بين الاجسام كلها . و أما
الصورش الجسمية فلا بد من اقامة البرهان علی أنها أمر واحد فی الاجسام كلها
، و ذلك لان الصورش الجسمية لايمكن أن تكون عبارش عن نفس القابلية لهذه‏
الابعاد لانها أمر أضافی والجسمية من مقولة الجوهر ، فكيف يكون نفس هذه‏
القابلية ؟ بل تلك الصورش عبارش عن ماهية جوهرية يلزمها هذه القابلية .
واذا ثبت أن الجسمية أمر يلزمه هذه الابعاد فمن الجائز أن يكون ذلك الامر
مختلفا فی الاجسام و ان كانت مشتركة فی هذا الحكم و هو قابلية هذه الابعاد
، و الامور المختلفة يجوز اشتراكها فی لازم واحد " .
ثم قال : " و ان سلمنا أن الاجسام مشتركة فی الصورش الجسمية ولكنها غير
مشتركة فی مادش الجسم ، فهب ان الجسمية ليست علة للحركة فلم لايجوز أن‏
يكون علتها هی مادتهاالمخصوصة " ؟
أقول : كون الاجسام مشتركة فی الجوهر القابل للابعاد أمر بديهی لاحاجة الی‏
اقامة البرهان عليه ، و ذلك يكفينا لاثبات المبادی الطبيعة ( 11 )
والمحركات الخاصة
اذ يعلم أن الحركات والاوضاع والايون كلها عوارض و أوصاف لذلك الامر
المشترك ، فان الكون فی المكان لايوصف به الا الجسمية أعنی الجوهر الطويل‏
العريض العميق ، و كذا الوضع ( 12 ) أعنی نسبة أجزاء الشی‏ء بعضها الی‏
بعض و الی أمر خارج ، و كذا الانتقال من مكان الی مكان . فالقابل لهده‏
الاوصاف والانتقالات هو الجسم لامحالة و هو سبب قابلی فلابد لهذه الاوصاف‏
من سبب فاعلی أيضا ، لكن لهم فی اثبات ذلك السبب الفاعلی طرق ( 13 )
بعضها ( 14 ) يبتنی علی اثبات الامكان والقوش لوجود هذه الاصاف للجسم ،
اذ لازم الماهية بل لازم الوجود للشی‏ء يجوز أن يكون الفاعل و القابل فيه‏
أمرا واحدا ( 15 ) ، و بعضها ( 16 ) يبتنی علی اثبات جهة الاشتراك‏
بين الموصوفات بهذه الصفات مع اختلاف الصفات . فلو كان شی‏ء منها من‏
لوازم الماهية المشتركة لكان كموصوفه متفقا فی الكل ، اذ لازم الماهية لازم‏
لجميع الافراد ، و هم مع ذلك قد أقاموا البرهان علی أن الجسمية طبيعة
نوعية مشتركة بين
أنواع الاجسام و أجناسها فی موضعه كما سيأتی ذكره ( 17 ) .
واما قوله : " يجوز أن يكون الامور المختلفة مشتركة فی لازم واحد " .
فنقول : ان ذلك انما جاز بشرط أن يكون منشأ اللزوم جهة الاشتراك لاجهة
الاختلاف كما بين فی مقامه ، و نحن نعلم يقينا أن قابلية الابعاد و ان كان‏
أمرا نسبيا فانما يقتضيه الجسم بما هو جسم لابما هو مختلف فيه ( 18 ) ، و
ذلك معنی مشترك بين الاجسام ضرورش و اتفاقا و ان كانت الاجسام متخالفة
الماهيات . و بعض تلك الطرق ( 19 ) يدفع كون الهيوليات المتخالفة فی‏
الاجسام مبادی للحركات و الاثار المتفننه المختصة كل قسم منها بنوع من‏
الجسم لانها محض القوش والاستعداد ، و ليست هی أيضا مختلفة الا من جهة
اختلاف الطبائع و الصور ، و بهذا يدفع قوله " لم لايجوز أن يكون‏
علةالحركة هی المادش المخصوصة " ؟ ولم يعلم أن لامعنی لتخصيص المادش الا
بصورش سابقة عليها ، وستعلم أن الفعل أقدم من القوش بحسب أصناف التقدم‏
.
ثم قال : " ان الفلك غير قابل للكون والفساد فيكون ماله من الشكل‏
والوضع والمقدار واجب الحصول له ، فذلك الوجوب ان كان لجسمية مع انه‏
لم يلزم أن يكون كل جسم كذلك فلتكن الحركة أيضا لجسمية و ان لم يكن كل‏
جسم متحركا ، و ان كان لامر موجود فی الجسمية ( 20 ) فذلك الامر ان لم يكن‏
ملازما
لها لم يكن اللازم بسببه ملازما لجسميته ، و ان كان ملازما عادالتقسيم ( 21
) ولا ينقطع الا بأن يقال : تلك الاوصاف غير لازمة لجسمية الفلك ، ففيه‏
تجويز للخرق والفساد . أو انها لازمة للجسمية المطلقة اما بغير واسطة أو
بواسطة مايلازمها مع أن تلك الاوصاف غير مشتركة فی الجميع فلتكن الحركة
أيضا كذلك ( 22 ) . و ان قيل ( 23 ) : ان تلك الملازمة لما حلت فيه‏
الجسمية وهوالمادش فان الافلاك لكون مادتها مخالفة لسائر المواد و كانت‏
مقتضية لتلك الاشكال والمقادير الجسمية أيضا حصلت الملازمة بين الجسمية و
تلك الامور ، فعلی هذا نقول : لم لايجوز أن يكون لبعض الاجسام مادش مخصوصة
مخالفة لسائر المواد و هی لذاتها تقتضی حركة مخصوصة ، ولايلزم منه اشتراك‏
الاجسام فی ذلك " .
أقول : اما الذی ذكره فی الفلك فمبناه علی الغفلة عن أحوال الماهية و
كيفية ارتباط الجنس بالفصل المحصل اياه فی النوع المحصل فی الذهن ، و عن‏
كيفية الملازمة بين مادتها و صورتها فی النوع المركب فی الخارج ( 24 ) ،
و عن معرفة
لجسميتها ( 25 ) لا أن الجسمية فيها و فی غيرها مقتضية للفلكية أو النارية
أو المائية ( 26 ) ، و بالجملة للخواص واللوازم المخصوصة فی نوع نوع ،
كما سيأتی فی مباحث الصور . وأما الذی ذكره من تجويز كون المادش مقتضية
للحركة المخصوصة و سائرالخواص ، فهذه المسماش بالمادش هی بالحقيقة
والمعنی صورش ، فلم يبق لها من معنی المادش الااسمها دون معناها ، فان‏
المعنی المذكور هو معنی الصورش بعينها ، اذلا نعنی بالصورش الا مبدأ الاثار
المختصة ، ولا نعنی بالطبيعة الا مبدأ الحركة الذاتية ، ولا حاجة بنا الی‏
الاسم بعد تحصيل الحقيقة بالبرهان " .
ثم قال ( 27 ) : " فالحاصل ان الحجة المذكورش لاتدل علی اثبات القوی‏
والطبائع ( 28 ) الا اذا بينا ان المادش مشتركة ، و متی تعذر ذلك لم تكن‏
الحجة منتجة .
فان قيل ( 29 ) : ان المادش لاتصلح أن تكون مبدأ الحركة لانها من حيث هی‏
هی
قابلة ، والشی‏ء الواحد لايكون قابلا و فاعلا
قلنا : قد ثبت فی باب العلة فساد هذا الاصل ، و بتقدير صحته يكون‏
كافيا فی اثبات المطلوب و هوالطريقة الخامسة ، وليكن البيان فيه ، و
أقوی ما يتوجه عليه ان الماهيات فاعلة للوازمها و قابلة لها ، و ذلك‏
يبطل ما قالوه " .
اقول : قد علمت بيان اختلاف جهتی أن يفعل و أن ينفعل ، و اختلاف جهتی‏
القوش والفعل أعنی الامكان الوقوعی ( 30 ) والايجاب بلامرية ، و أما النقض‏
بلوازم الماهيات‏فغير وارد ، اذمبنی الايراد علی المغالطة الناشئة من‏
اشتراك لفظ القابل ، و وقوعه تارش بمعنی الانفعال التغيری و تارش بمعنی‏
الاتصاف اللزومی .